الاثنين، 14 نوفمبر 2011

نحن شعب غير سعيد


خطر لي وانا اقود سيارتي في احد الصباحات والطريق مزدحم آن اتطلع لوجوه الناس – طبعاً الرجال فقط – في تلك السيارات التي تتقافز بعصبية لتتخطى بعظها في صراع محموم على المقدمة ، كثير من تلك الوجوه مهموم ومنكدر ، وقلت في نفسي " نحن في الصباح وإشراقة اليوم مابال الناس واجمين والأجدر بهم السعادة واستقبال الحياة " فحز في نفسي هذا الشعور و جعلت أسأل نفسي ، هل نحن شعب سعيد ؟ ، الح على السؤال طول اليوم ، فإعتمدت على (الشيخ جوجل ) بيض الله وجهه ، في البحث عن إجابة لسؤالي ، فوجدت اننا بمعايير السعادة العالمية متخلفين عن شعوب كثيرة فمرتبتنا في تصنيف معهد ليجاتوم (Legatum) للرفاهية هي المرتبة (٤٩) من تصنيف (١١٠) دول في ذيل القائمة زمبابوي ،- إسرائيل في المرتبة ( ٣٦)- وفي تصنيف جالوب(Gallup) لأكثر البلدان سعادة نحن في المرتب (٥٨) مكرر مع الباكستان من بين (١٥٥) دولة معظمها مكرر المرتبة وخصوصاً في ذيل القائمة. إذا نحن شعب غير سعيد وغير حزين يعني بين بين ، ولكن لماذا نحن شعب كذلك ؟،

بعد أن تأكدت من مرجعية تلك التصنيفات جعلت افكر في سر عدم السعادة لدى هذا الشعب النبيل ، فنحن مهد العرب ومهبط رسالة الإسلام و مصدر الطاقة للعالم ومورد الأموال و البضائع من كل حدب وصوب ، فقررت أن أجتهد في إكتشاف السبب و لم اقم بدراسة إستقصائية او حتى أستئناس برأي الحكماء من الأصدقاء ، وبداء لى أن استشف من ملاحظاتي ومن خبرتي في مسيرة الحياة وطباع الناس في بلدي ، لذا جعلت مصدر إهدار السعادة لدى السعوديين في ثلاث جوانب هي ، ضيق الخيارات ،و ضيق المعيشة ، والخوف من المصير .

فضيق الخيارات تتدرج من محدودية الحرية الشخصية في ممارسة الخيارات المباحة بفعل التقاليد و الأطر الإجتماعية و قسوتها في قسر الفرد وإلزامه بسلوكيات و مثل لا يجد الفرد فيها قيمة ذاتية ، وبين محدودية في الحرية مؤسسة على مفاهيم عقدية ليست بالضرورة محل إتفاق مذهبي آو إجماعي ديني ، و الفرد في كلتا الحالتين يمارس تمرد على القيود التي تحكم خيارته الإجتماعية و السلوكية بصورة واعية اوغير واعية مما يجعله متوتر مشدود البال متأهب لجدال أي موقف وهذا الحالة سائدة لدى الشباب بصورة عامة و لدى من يستشعرون إستئثار فئة محدودة بممارسة رقابة شديدة وميل لفرض نمطية واحدة للحياة و الممارسة الإجتماعية .

اما ضيق المعيشة فيتجلى في جوانب عديدة ، فمعظم الناس محدود الدخل و يجد أن مداخيله تتأكل أمامه بمصاريف مختلفة فهو ملزم بمعيشة آسرته والتي لأسباب أسرية وإجتماعية وربما دينية لا يستطيع أن يحجم عددها فمتوسط ابناء الأسرة السعودية لا يزال مرتفع نسبياً حيث يتراوح بين( ٤-٦ ) ومعظم الآسر السعودية بعائل واحد فمعيار المساهمة الإجتماعية للقادرين على العمل هي (٢٢٪ ) وهي من ادنى النسب في العالم بمعنى أن خمس القادرين على العمل هم من يعمل وهذا لاشك يلقي على عاتق رب الآسرة عباً كبيراً ، وهو مايفسر إتساع دائرة الفقر في المجتمع ، هذا يضاف لإحتكار ملاحظ في العقار ساهم برفع اسعار الأراضي القابلة للسكن لمبالغ لا يطيقها معظم الناس فبات كثير من السعوديين مهموم بإيجاد سكن ملائم لأسرته و فوق ذلك يجد المواطن انه محاصر بصورة متزايدة بمصاريف وفواتير لم يحسب لها حساب ، حتى بات معظم المواطنين يستدين لمواجهة متطلبات آنية ولاشك أن الديون التراكمية للمجتمع باتت تتخطى مائة مليار تحلب البنوك منها فوائد جمة .

والخوف من المصير هو ثالثة الأثافي فعندما كنت مديراً للموارد البشرية في أحد الشركات أجريت إستطلاعاً بين الموظفين حول إمكانية التأمين على الحياة ، فوجدت أن كثير من الموظفين التنفيذيين على وجه الخصوص والذين إستطاعوا أن يرفعوا من مستوى معيشة آسرهم مهموم بهاجس الخوف على مصير أبنائة فيما لو مات او عجز عن العمل ، و الخوف من المصير لايتعلق بالخوف من الموت بل أن الخوف من المصير بعد الموت سائد لدى الأطفال فكثير من الأطفال يبلى ببعض الأساتذة الذين لاينفكون يشعرونهم بأن النار مصيرهم لإن ثوب الطفل طويل او لأنه ضحك في الصلاة في المدرسة أو انه يسمع الأغاني أو يلعب الألعاب الآلكترونية ، وكثير من الوعاظ يذكر النار في موعظته اكثر من ذكر الجنة و رحمة الله اضعاف مضاعفة حتى بلغ في بعض الناس القنوط من رحمة الله والقلق والخوف من المعصية ويجد كثير من أطباء النفس إكتأب لدى كثير من الناس مصدره القنوط من الرحمة والخوف من العذاب .

نعم نحن شعب غير سعيد لأننا نريد أن نتغير ولا نستطيع ، فينتابنا القلق والتوتر و يشتد بعضنا على بعض فهؤلا تجار جشعون وهؤلا موظفون متطلبون و أولئك متطرفون منغلقون و غيرهم ليبراليون غربيون و الجميع يقتات على الجدل و الجدل المضاد و طاسة الوطن تسخن كل يوم حتى أكاد اجزم أنه لابد من وضع ترمومتر يقيس درجة إحتقان بات يلاحظ وهو ينمو ، فلابد من وسيلة لمعالجة هذا الخلل المعيشي ، لقد كان المجتمع متجانساً في الماضي وكانت سعادته اكثر وبات اليوم متصادم وتجانسه آقل ، والحل يكمن في قليل من الرقابة الإجتماعية ومزيدا من الحرية ومزيد من الشعور بأن الحياة لها تجليات عدة والناس لم يعودوا كأسنان المشط .

هناك تعليق واحد:

  1. فعلا "طاسة الوطن تسخن كل يوم "..والحياة في عجلة تدور وكثير من الناس مطحون بين اماني يتمنونها وواقع يغيرها.والله المعين.

    ردحذف