السبت، 22 أكتوبر 2011

الموت والحياة


لي صديق امريكي احرص على أن التقيه مرة كل سنة على الأقل عندما اقضي إجازتي في الولايات المتحدة ، و عندما كان يسكن مدينة ساد ديجو في ولاية كاليفورنيا كنت اسافر للقاءه من سان فرنسسكو حيث أقيم في المعتاد ، هذه السنة وبعد أن إستقر في ميامي فلوريدا اصر هو أن يحضر لزيارتي ، ونحن على مائدة العشاء ، تطرق بنا الحديث حول فقدان الأحباب والتعامل مع الحزن العميق (Grief) ، فقال ، منذ ٣ سنوات وعندما كنت في رحلة عمل لمدينة فينكس بولاية أريزونا الأمريكية وبعد الهبوط في المطار وصلتني رسالة قصيرة تفيد بوفاة صديق عزيز ، تملكني الحزن وبدت ملامحي بالتعبير عن ذلك ، وبعد خروجي من مبنى المطار كان في إنتظاري من قدمت لزيارته مستقبلاً ، علاقتي بجعفر تعود لأربع سنوات خلت ، حيث نعمل سوياً على تطوير نظام إلكتروني لتتبع الموجودات وجعفر هندي هاجر للولايات المتحدة منذ ٢٠ عاماً وأقام عمل ناجحاً له في فينكس ، نظر في وجهي وقال " أننت مريض ؟ ، ماكان عليك أن تأتي وأنت بهذه الحال ، أريد منك بالاً صافياً لا آنفاً ممتلاً !” إغتصبت إبتسامة مجاملة لطرفته ولكن مشاعر الحزن أقوى من أن تبقي آثر تلك الإبتسامة فقلت " لا لست مريضاً ولكن وردتني أخبار سيئة بمجرد وصولي المطار ، فقد توفي صديق عزيز على وإنتابني الحزن عليه ، لا آكثر " رمقني بنظرة حانية مصطنعة وهو يقول " آوه ، أنا آسف لفقدك " ثم نظر إلي ساعته و إلتفت إلي بملامح جادة تشوبها إبتسامة مكبوته وقال " هل أنت جائع " قلت " ليس بالسوء المعتاد ، فماذا تقترح ؟" قال " إنه وقت الغداء ، وبدلاً من تناول ساندوتشات تينا ( سكرتيرته ) سأخذك لمطعم حميم ، لعله يسليك بعض الشئ" ، و بعدما ركبنا السيارة في إتجاه المطعم قال لي " مايكل ، ساذكر لك قصة لم تعرفها بعد ، هي قصتي آنا مع الحياة والموت " نظرت له بإهتمام قائلاً " حسناً ، آنا مصغ ! " فأردف قائلاً " قبل أن أقدم لهذه البلاد ، في الهند مررت بتجربة فقد عظيمة ، و تملكني حزن عميق سيطر على عقلي وفكري لفترة طويلة ، فكما تعلم في الهند معظم الزواج وخصوصاً في المناطق الريفية يتم من خلال ترتيبات الآهل ، فالأهل هم من يختار الزوجة وما على الإبن إلا تنفيذ رغبات الأهل ، وعندما كنت أدرس في ( IIT Bombay ) في ضاحية بوي قرب بمباي خطب والداي بنت احد كبار المزارعين في قريتنا القريبة من حيدر اباد لتكون زوجة لي وبعد أن تخرجت من المعهد ، تزوجتها وإنتقلتها للعيش معي في بانجلور حيث حصلت على وظيفة في شركة ( Bharat Elctronics limited) ، خلال ٣ سنوات نمت بيننا مودة وحب وتعلق كل منا بالآخر ، وكنت احقق نجاحاً في وظيفتي حيث أوكلت برأسة فريق تطوير نظام تنظيم إلكتروني للإحتراق الداخلى لصالح شركة تاتا للسيارات ، وكنت اعمل ساعات طويلة في المعمل وكثير ما اعود للمنزل بعد العاشرة ليلاً فأجدها تنتظرني للعشاء و قد أكون قد أكلت وانا في طريقي ، فاعتذر عن مشاركتها ، لم تكن تتذمر او تشتكي وانا اتركها تأكل لوحدها ، رزقنا بطفلة بعد زواجنا بسنتين ، فكانت الطفلة تأخذ الكثير من وقت زوجتي ، ومع إنشغالي بالعمل و إنشغالها بطفلتنا لم يكن لدينا الوقت الكثير نقضيه في التعبير عما يكن احدنا للأخر ، بات مشروعي يتأخرفي التنفيذ بفعل تغييرات في فريق العمل وبت اعاني من ضغوط ذلك ، وبت سريع الإنفعال حول شؤون المنزل فإقترحت أن تأخذ الطفلة وتسافر لقريتنا ، فهي لم تزر آهلها منذ اكثر من عام و بذلك ايضا تترك لي المجال لإتفرغ لإنجاز مشرعي ، فوافقت على ذلك بدون تردد ، وهكذا حجزت لها مقعداً في القطار المتجه لحيدر اباد . وكان عليها أن تستقل الحافلة مدة ٣ ساعات من حيدر اباد لتصل لقريتنا ،لذا تم الإتصال بآهلي حتى يرتب إستقبالها في محطة (حيدراباد كاجيقودا)، فأرسلوا لإستقبالها آخي الصغير ..” توقف عن الحديث وقد تغيرت ملامح وجه وبرزت عيناه تلمعان ، لم يلتفت إلي كما كان يفعل إثناء حديثه بين الفترة والآخرى وهو يقود السيارة ، بل تجمد في نظره للطريق كما لو كان ينظر مشهد مؤلم ، فما كان مني إلا أن وضعت يدي على ساعدة لإطمئن عليه متسألاً " جعفر ، هل انت على مايرام " فنظر لي نظرة سريعة وعاد لنظرة الذهول وهو يقول " انا ، على مايرام ، أني فقط استجمع ذاكرتي ، فدعني قليلاً " صمت عن الحديث وأن ارقب تعابير وجهه تكترب ثم نزلت دمعت ترقرت على وجنته سرعان ما مسحها وهو يلتفت لي معتذراِ بإبتسامة مصطنعة وهو يقول " المعذرة ، منذ زمن طويل لم استجمع هذه الذاكرة المؤثرة ، لقد شب حريق في تلك الحافلة عندم إصطدامها بشاحنة محملة بالكيروسين وفقدت زوجتي وبنتي وأخي الصغيرفي ذلك الحادث " توقف عن الحديث مرة آخرى ثم سرعان ما عاد لإكمال قصته " طار عقلي عندما علمت بذلك وتملكني الغضب الشديد على كل شي ، نفسي ، عملي ، آهلي ، وبعد إنقضاء العزاء ، مكثت في القرية بضعة اسابيع ، وكنت حزين جداً ، لا اشعر برغبة لعمل آي شئ سوى التسكع بين الحقول والطرق ثم اعود منهكاً لإنام ، لم يكن نومي منتظماً فربما انام في الليل ويستمر نومي حتى آخر النهار فأستقيض طوال الليل ، كنت لا آحب آن يذكر اي شئ عن زوجتي وبنتي ولا اريد النظر للصور ،بل أني انفعل وآصمت من يتحدث عن أي شئ يقود لذكرهما، حتى بات آهل القرية يتحاشون الحديث معى ، ذهبت لبانجلور ولم أذهب لمنزلي خوفاً من الذكرى، وقصدت الشركة التي آعمل بها وطلبت نقلي للعمل في بلد آخر , فتم نقلي للعمل في مصنع للشركة في مدينة بون (Pune) ، وجدت في عملى الجديد ملاذ عن الذكرى ، فكنت اقضي الساعات الطوال في العمل ، حيث كنت مهندس تطوير في قطاع الرادارت ، - وهذا سر بروزي في هذا المجال – حيث اصبح العمل هو حياتي وكنت لا اذهب لمنزلي إلا لإنام ، وكان يخدمني في المنزل شاب قروي ، كنت انسى إسمه احياناً ، وإنقطعت عن زيارة أهلي في القرية قرابة السنتين تخللها إتصالات هاتفية قليلة ووجيزة ، في العمل نمت علاقة صداقة مع احد الزملاء من مهندسي التطوير ، وكان كثيراً ما يدعوني لمنزله فأعتذر ، كان يتحدث كثيراً عن عائلته و يشيد بإنجازات أطفاله ، وذات يوم كنا نتناول الشاي في كفتريا المصنع فقال لي " ياجعفر كل الزملاء يعتقدون أنك رجل طيب ، ولكن غموضك يريبهم ، انا اقربهم لك ، ومع ذلك لا اعرف عنك إلا إسمك وانك من حيدر اباد ، فما سرك ، الديك عائلة وهل لديك ابناء ؟ أين تسكن ؟” لم ادع صديقي يكمل آسئلته فنظرته له بغضب وقلت له اصمت ، اصمت ، ثم إنطلقت هارباً عائداً لعملي واوصدت غرفة المعمل التي اعمل بها بالقفل حتى لايتبعني بأسئلته ، توالت محاولات صاحبي وهروبي ، حتى حاصرني ذات يوم وقال " أنت تتهرب من حقيقة في حياتك و لن ادعك حتى اعرفها " ساعتها داهمتني قشعريرة غريبة شلت جسدي لثانية أو اقل ثم إنتابني بكاء شديد وتوتر في اطرافي وضيق في النفس ، فخارت رجلي عن حملي وسقطت على الأرض ، فأسرع صديقي يطلب النجدة من باقي العاملين ، لم يغمى علي كما كان يعتقد، لقد كنت واعياً لما يحدث حولي ولكن نوبة البكاء إستولت على فلم يعد لى جهد غير البكاء المرير ، وسحبت نفسي نحو زاوية الغرفة ألتجي بها وسط ذهول جميع العاملين الذين إلتموا حولي ، وإقترب صاحبي لي وهو يقول " لا عليك سنعالج الموقف ، وطلب من احد الزملاء إحضار كوب من الماء ، ثم جلس امامي متربعاً وهو يرمقني ويردد " لا عليك سنعالج الموقف " لم يكن لي جهد أن اقول أي شئ ، لقد ظن الجميع أن بي مساً من الجنون ، ولكن صاحبي كان يدرك أن ثمة آمر عظيم في نفسي ، فطلب من باقي العاملين الإنصراف ، حينها شعرت بنعاس غريب ورغبة في النوم ، لقد كنت مجهداً فإضطجعت على جنبي وشعرت ببرودة البلاط في خدي و غطيت في نوم عميق ، لم افق منه إلا واناعلى سرير عيادة المصنع ، فبات الطبيب يسألني عماذا اكلت وشربت خلال الايام السابقة ، كان ضغطي منخفض وحرارتي مرتفعة ولدي شعور بالغثيان ، حين حضر صاحبي واخذ الطبيب جانباً يشرح له حالتي ، مكثت في سرير العيادة حتى اليوم التالي ، حتى عاد ضغط الدم لحالة وزالت حرارتي و صرف لي الطبيب بعض الأدوية المهدية و المعالجة للإكتأب ، بعد ذلك الحادث جلست مع صاحبي وافضيت له بقصتي ، ولكني بقيت اكره الحديث عن ذكرياتي وأتهرب من الأسئلة حول عائلتي ، وفي ذات يوم قال لي برداش " صاحبي " اريدك أن تذهب معي لزيارة حكيم (Guru) معتكف في احد الجبال القريبة ، وإنطلقنا منذ الفجر يوم الأحد وبعد وصولنا للقرية القريبة من معتكف الحكيم (Retreat) تسلقنا الجبل وبعد ساعتين تقريباً وصلنا لغايتنا ، استقبلنا الحكيم بالترحيب ودعنا للجلوس متربعين في حضرته ، ثم نظر إلي مبتسماً وقال " يا جعفر ، ااتعبك تسلق الجبل ؟" قلت قليلاً ، حيث لم اعتد ذلك . قال " نعم ، لذا انت بحاجة للراحة قليلاً " وهو يهم بالقيام طلب منا الجلوس ، وغاب بين الأشجار ثم عاد بعد قليل وفي يده عصاء غليظة ومزودة بها بعض الحاجيات ، ثم طلب منا النهوض وقال " هناك لكل واحد منكم عصاء غليظة ومزودة كل منكم يضع بها ما يشاء من مما يجد من الطعام والشراب" ، فنظرت لصاحبي وقلت له " انت اخبر مني فعلمني ماذا اصنع " فإ ختار لي بعض من خبز الذرة الجاف ومطارة ماء وفعل هو كذلك وكان الحكيم يرمقنا ونحن نتحاور وبعد أن تجهزنا ، قال الحكيم " سنصعد الجبل حتى قمته فإتبعاني " نظرت لصاحبي وهمست له لقد اجهدنا حتى وصلنا لمعتكفه فما باله يطالبنا بالصعود اعلى ،هز صاحبي كتفه وهو يقول "لا بد أن له غاية من ذلك " ،إلتفت إلينا الحكيم وكأنه إستشعر عدم رغبتنا في الصعود قائلاً " اذا كنتما غير راغبين في الصعود فيمكنكما المكوث هنا حتى اعود " فقال صاحبي للحكيم " لا أيه الحكيم ، غايتنا صحبتك والإستفادة من حكمتك فسر بنا حيث تريد " فسار بنا الحكيم صعوداً في ممرات ضيقة بين الأشجار وبعد أكثر من ساعة من الصعود بصمت بين الأشجار وقف الحكيم على رامة صغيرة وإلتفت إلينا وهو يرى في وجوهنا الإجهاد من الصعود وقال "إكنتما قد تعبتما فلا زال بإمكانكما التريث هنا حتى اعود فلم نبلغ نصف مسافة غايتنا " فنظر لي صاحبي وكأنه يستحثني أن اقول مثل ما قال قبل ساعة ،فقلت للحكم " غايتنا أيه الحكيم صحبتك والتعب حالة وتزول " فنظرإلي الحكيم برضى ثم تابع المسير صعوداً وبصمت كما كان ، وبعد أن بلغ فينا التعب مبلغة وبات لهاثنا يفوق صوت حركت اغصان الأشجار التي نبعدها عن طريقنا فوقف الحكيم مرة أخرى ونظر إلينا وقال " ادرك انكما تعبتما من الصعود ولكن الغاية لا زالت بعيدة فإن شئتما تابعنا المسير او إسترحنا قليلاً " فتناظرت وصاحبي وسبقني صاحبي بالقول للحكيم " غايتنا صحبتك فإن شئت أن تسير وإن شئت أن تستريح فنحن سنتبعك " فقال الحكيم " حسناً إذا سنستمر في المسير " كنت اظنه سيشعر بتعبنا كما قال ويستريح بنا قليلاً ولكنه تابع صمته و مسيره ولكن بعد قليل من سيرنا تقلصت عظلات فخذي فجأة وشعرت بألم حاد فصرخت من الألم وتوقفت ثم جلست على الأرض امسج فخذي وانا أتآلم ، وجلس صاحبي بجانبي يلتقط أنفاسه ، عندها وقف الحكيم وقال " لقد وصلنا غايتنا الآن " نظرت للحكيم بإستغراب وقلت " استميحك العذر آيه الحكيم ، ولكنك كنت تقول قبل قليل أن غايتنا لازالت بعيدة و لا آري في مكاننا هذا ما يجعله غاية فاالاشجارلازالت تحجب الرؤيا والجبل لازال شامخاً فوقنا !” فضحك الحكيم وقال " الغاية ياجعفر ليست مكان ولا زمان ، الغاية هي إنعدام القدرة اوالإشباع ، لقد بلغت غايتك فلم تعد تحتمل صعوداً آكثر وبلغت انا غايتي حيث اشبعت رغبتي في إنهاكك" قال ذلك وسط ذهولي من صفاقته وهو يلقي بمزودته ويسوي مكان جلسته ثم يتربع في جلسته و يطلب مني ومن صاحبي أن نقابله في جلسته ويخرج كل منا قدراًمن خبزه ويشرب قليلاً من الماء وكل ذلك بصمت مطلق وعندما فرغنا من الأكل والشرب قال الحكيم موجهاً كلامه لي " جسد الإنسان هو مسكن روحه فكل ما كان المسكن جميلاً ونظيفاً وقوياً وصحيحاً كان أسعد للروح ، فالروح تشقى في الجسد المريض والضعيف والقذر والبشع ، والروح تشقى بالتعب وتشقى بالغضب وتشقى بالحقد وتشقى بالحزن ، والروح لاتحتمل الشقاء فتهجرالجسد المريض ليموت ، وتكسل الجسد الضعيف فيتوق للراحة وتدفع الحقدوالغضب للإعتداءوالتدمير لتخلص من الهم و ولكن ماذا تفعل الروح بالحزن وهو من طبيعتها وحال من حالها ، الروح تهرب من شقاء الحزن بالنسيان فتدفن الذكرى المحزنة تحت اكوام الذكريات الأخرى وتحرس مدفنها بتجنب ما يثير تلك الذكريات ، فإذا استثيرت تلك الذكريات رغماً عنها تظطرب الروح في مسكنها، فتجهد الجسد وتمرضه و تدفعه للحقد والغضب ، ولا تستقر حتى تعود تلك الذكرى لمدفنها ، روحك يا جعفر مضطربة ولن تستطيع أن تعيش بتوازن مالم تطوع روحك على التعايش مع حزنك ، انتم المسلمون تؤمنون بالآخرة ففيها يجتمع الأحبة بعد الفراق وتتوق فيها الأرواح للسعادة ، هذا يبعث في الروح الآمل ويساعدها على تحمل شقاء الفراق ، فكل ما تحتاجه هو أن تبعث حزنك ليتقد من جديد ولكن في حضور ذلك الإيمان ، فتجد الروح عزاءها " كنت استمع والخوف يعتريني من أن تأتيني حالة القشعريره ، لقد دخل في تشريحه منطقة المحذور . ادرك سريعاً ذلك حين رأني أتمتم وترتعد شفتاي ويتدفق الدم الحار في وجهي ويشتد الضغط في رأسي فقال مسترسلاً " لا بأس أن تعبر عن حزنك ،ولكن اياك أن تهرب ، افعل كما صعدت الجبل رغماً عن إرهاقك ، دع مشاعرك تتدفق بكرم ولا تحتبس منها ما يحرجك ، انت بين الأشجار و الجبال حرر روحك من قيد العقل واطلق لها العنان دعها تأمل ، دعها تحلم ولكن اياك أن تهرب إياك أن تسمح لها بدفن ذكرياتك ، ياجعفر مشكلتك أنك لم تكن حاضراً عندما حدث الحادث المؤلم ولم ترى بعينك ماجرى فلم تقبل فقدانك وهربت من ذلك الواقع بتصنع النسيان ، والأن عليك أن تستحضر الأحداث التي ألمتك وفي كل مرة تقول في قرارة نفسك لن آنسى ، وإستذكر ذكرياتك الجميلة مع زوجتك وطفلتك كلما تذكرت الحادث المؤلم ، وإستشعر الأمل بلقائهم في الجنة " لقد كان لحديثه وقع السحر في نفسي فهدأت ثورتي وتصبب العرق من وجهي وشعرت بالراحة في جسدي وكأن عبئاً ثقيلاً قد إنزاح مني ، ففرحت فرحاً غامراً حتى قمت واقفاً وانا ارقص وانا اردد الحمد لله ، الحمدلله ،ثم اقبلت على الحكيم اقبل رأسه وصديقي يرقص معي ، ثم قام الحكيم وقال " هيا بنا نعود ادراجنا قبل أن يهبط الليل "وخلال مسيرة عودتنا لمعتكف الحكيم عاد لصمته وانا وصاحبي نهمس بين بعضنا البعض عن سعادتنا بزوال حالتي وعندما وصلنا لمعتكف الحكيم إلتفت إلينا وقال " اذهبا للقرية قبل أن يحل الليل فالجبل غير مأمون من السباع " فاقبلت على الحكيم اشكره وأستأذنه أن اعوده مرات آخرى حتى اكتسب من حكمته فقال لي " لابأس ولكن في المرة القادمة ستكون غايتنا قمة الجبل إن رغبت بصحبتي " ، بعد ذلك عدته مرات عديدة حتى توفي وعدت لطبيعة حياتي وبعد هذه الحادثة بثلاث سنوات ، قدمت لإمريكا للعمل لدي شركة جنرال دينمكس وتزوجت سلمى كما تعرف ولم اعد اخاف من تذكر زوجتي فاطمة وابنتي بل ان لدي في المنزل صورة لهما في غرفة نومي ” بعدما خلص صديقي من قصته نظرإلي وفي عينه لمعان وهو يسألني " إليست قصة عظيمة ؟" قلت " بلى "

هناك تعليق واحد: